صوم رمضان
شهر رمضان الذي يصومه المسلمون كل عام هو خير الشهور كلها عند الله تعالى، ففيه نزلت الكتب السماوية على "إبراهيم" و"موسى" و"عيسى"- عليهم السلام، كما نزل فيه القرآن الكريم على سيدنا "محمد"- صلى الله عليه وسلم- في ليلة القدر، وهى إحدى ليالي شهر رمضان المعظم .
وفى هذا الشهر أعز الله المسلمين بانتصارات كثيرة، فوقعت فيه غزوة "بدر" الكبرى في السنة الثانية من الهجرة، وكان فيه فتح "مكة" في السنة الثامنة من الهجرة، وبعد هذا الفتح العظيم دخل الناس في دين الله أفواجًا .
· صوم رمضان :
معنى كلمة الصوم في اللغة العربية: الإمساك, أما معناها الشرعي: فهو الإمساك عن سائر المفطرات من طلوع الشمس إلى غروبها, مع النية.
وصيام شهر رمضان فريضة شرعية، وركن من أركان الإسلام الخمسة، فرضه الله – تعالى- على المسلمين في السنة الثانية من الهجرة .
قال تعالى :
]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)[ (البقرة 183)
وفى هذا الشهر الكريم يمتنع المسلمون عن الطعام والشراب، بدءًا من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، امتثالاً لقوله تعالى :
] وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ (187)[ (البقرة 187)
· هلال رمضان :
قال تعالى :
]شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (185)[ (البقرة 185)
ويبدأ شهر رمضان بثبوت رؤية الهلال بعد غروب اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، فإذا لم يظهر الهلال أتممنا شهر شعبان ثلاثين يومًا .
وينتهى شهر رمضان بثبوت رؤية هلال شهر شوال .
قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :
"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يومًا" .(أخرجه مسلم)
· على من يجب الصوم ؟
يجب الصوم على :
- المسلم، فلا يجب على الكافر .
- العاقل، فلا يجب على المجنون .
- البالغ، فلا يجب على الصبى، ولكنه يدرب على الصيام .
- المقيم، فلا يجب على المسافر .
- القادرعلى الصيام، فلا يجب على المريض الذي يشق عليه الصوم .
** يستحب للصبى الصغير أن يصوم شهر رمضان أو أيامًا منه، ليعتاد الصوم منذ الصغر، ما دام قادرًا على ذلك .
· من مبطلات الصوم :
- الأكل أو الشرب عمدًا في نهار رمضان سواء كان نافعاً أم ضاراً كالدخان. أما إذا فعل ذلك ناسياً أو مخطئاً أو مكرهاً فلا شيء عليه إن شاء الله . قال صلى الله عليه وسلم: "إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه" [متفق عليه.
- القيء عمدًا وهو إخراج ما في المعدة عن طريق الفم لقوله صلى الله عليه وسلم: "من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض" [صحيح أبي داود] فإن قاء من غير قصد لم يفطر .
الجماع : وإذا وقع في نهار رمضان من صائم يجب عليه الصوم فعليه مع القضاء كفارة مغلظة وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً .
الحيض والنفاس : خروج دم من المرأة في جزء من النهار سواء وجد في أوله أو آخره أفطرت وقضت.
إنزال المني: يقظة باستمناء أو مباشرة أو تقبيل أو ضم أو نحو ذلك، وأما الإنزال بالاحتلام فلا يفطر لأنه بغير اختيار الصائم .
حقن الدم: مثل أن يحصل للصائم نزيف فيحقن به دمه تعويضاً عما نزف منه.
· ما يباح للصائم :
- الاستحمام : فالصائم قد يصبح جنباً: عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم".
- المضمضة والاستنشاق مع عدم المبالغة : كان صلى الله عليه وسلم يتمضمض ويستنشق وهو صائم ، لكنه منع الصائم من المبالغة فيهما، قال صلى الله عليه وسلم: "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً" [صحيح أبي داود] .
- السواك للصائم: قال صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء " [متفق عليه] . فلم يخص الرسول صلى الله عليه وسلم الصائم من غيره، ففي هذا دلالة على أن السواك للصائم ولغيره عند كل وضوء وكل صلاة عام، وفي كل الأوقات قبل الزوال أو بعده
- المباشرة والقبلة للصائم: عن عائشة رضي الله عنها قالت : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لأربه" [متفق عليه]. ويكره ذلك للشباب دون الشيخ، قال صلى الله عليه وسلم: "000 إن الشيخ يملك نفسه" [صحيح رواه أحمد]
- ذوق الطعام: وهذا مقيد بعدم دخوله الحلق، وكذلك الأمر بمعجون الأسنان. لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه: "لا باس أن يذوق الخل أو الشيء ما لم يدخل حلقه وهو صائم" [رواه البخاري]
- وضع القطرة في العين : الكحل والقطرة ونحوهما مما يدخل العين: هذه الأمور لا تفطر سواء وجد طعمه في حلقه أم لم يجده ، وقال الإمام البخاري في صحيحه: "ولم ير أنس والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم باساً "
· من سنن الصوم وآدابه :
- السحور، ووقته قبل طلوع الفجر، وهو يقوي الصائم وينشطه، ويهون عليه مشقة الصوم، قال- صلى الله عليه وسلم- "تسحروا فإن في السحور بركة" (أخرجه البخارى) , ويستحب تأخير السحور .
- الدعاء عند الفطر بالأدعية المأثورة عن النبي- صلى الله عليه وسلم- مثل قوله- صلى الله عليه وسلم- : "اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت" . (أخرجه أبو داود)
- الإكثار من تلاوة القرآن والذكر والدعاء، وإخراج الصدقات، وغيرها .
- صلة الأرحام، وتكون بزيارة الأقارب والإحسان إليهم .
- التصدق على الفقراء .
- الابتعاد عن الغيبة والنميمة والكذب والكلام السيئ .
- تعجيل طعام الفطر، ويستحب للصائم تعجيل الفطر متى تحقق غروب الشمس، قال- صلى الله عليه وسلم- : "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر". (أخرجه البخارى)
- أن يبتعد المسلم عما يغضب الله من الأقوال والأفعال التي تتنافى مع آداب الصيام، فلا يسب أو يشتم أو يخاصم.
· من يباح لهم الفطر ؟
- المريض .
- المسافر .
- كبير السن الذي لا يقوى على الصوم .
- الحامل أو المرضع إذا خافت على نفسها أو ولدها .
- الحائض والنفساء (المرأة عقب الولادة) .
· حكم المفطرين فى رمضان :
- من أفطر في رمضان بعذر، كالمرض والسفر والحمل والرضاعة – عليه أن يصوم بعد زوال عذره عن كل يوم أفطره يومًا آخر، وهذا ما يسمى "القضاء" .
- أما إذا كان لا يستطيع الصوم عن الأيام التي أفطر فيها في رمضان، كالشيخ العجوز أو المريض مرضًا شديدًا لا يرجى شفاؤه، هؤلاء عليهم أن يطعموا عن كل يوم أفطروه مسكينًا، من الطعام المعتاد الذي يتناولونه .
القضــاء:
* يستحب المبادرة إلى القضاء وعدم التأخير ، ولا يجب التتابع في القضاء . أجمع أهل العلم أن من مات وعليه صلوات فاتته فلا يقضي عنه ، وكذلك من عجز عن الصيام لا يصوم عنه أحد في حياته، بل يطعم عن كل يوم مسكيناً 000 ولكن من مات وعليه صوم صام عنه وليه ، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من مات وعليه صوم صام عنه وليه" [متفق عليه]